المادة    
قال المصنف رحمه الله:
[وقد أبدلتها المعتزلة بأصولهم الخمسة التي هدموا بها كثيراً من الدين، فإنهم بنوا أصل دينهم على الجسم والعَرَض الذي هو الموصوف والصفة عندهم، واحتجوا بالصفات التي هي الأعراض على حدوث الموصوف الذي هو الجسم، وتكلموا في التوحيد على هذا الأصل، فنفوا عن الله كل صفة؛ تشبيهاً بالصفات الموجودة في الموصوفات التي هي الأجسام.
ثم تكلموا بعد ذلك في أفعاله التي هي القدر، وسموا ذلك (العدل)].
الشرح:
المقصود أن المعتزلة يؤمنون بهذه الأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهنا مسألة؛ فقد يقال: لماذا كانت خمسة؟ من الذي وضعها؟ ولماذا وضعها؟ هذه الأسئلة وردت على المعتزلة فأجابوا عنها، نقرأ عليكم جواب القاضي عبد الجبار في هذه المسألة، يقول في كتابه شرح الأصول الخمسة: "لا خلاف أن المخالفين لنا لا يعدون أحد هذه الأصول ألا ترى أن خلاف الملاحدة والمعطلة والدهرية والمشبهة قد دخل في التوحيد، وخلاف المجبرة بأسرهم دخل في باب العدل، وخلاف المرجئة دخل في باب الوعد والوعيد، وخلاف الخوارج دخل تحت المنزلة بين المنزلتين، وخلاف الإمامية دخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!" يعني: أن المبدأ الذي على أساسه وضعوا هذه الأصول الخمسة هو أنهم نظروا إلى المخالفين لهم؛ فكل شيء خالفهم فيه غيرهم جعلوه أصلاً، فعلم من هذا أن هذه الأصول ليست مأخوذة من الكتاب والسنة، وإنما هي مبنية على خلاف المخالفين، هذا أصل التقسيم.
لم يقولوا -ولن يستطيعوا أن يقولوا-: إننا قرأنا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأينا دعوته وسيرته، ووجدنا أنه يدعو إلى هذه الأمور الخمسة وهي الأساس، لو قالوا ذلك لكان لنا معهم جواب آخر.
ولكنهم نظروا إلى ما خالفهم فيه الناس -ويعنون بهم كل المسلمين ومنهم أهل السنة - فجعلوه أصولاً؛ وذلك لزعمهم أنهم هم أهل الحق، ودعواهم أنهم هم الفرقة الناجية.
قال ابن المرتضى صاحب المنية والأمل: الطبقة الأولى من طبقات المعتزلة هم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم الطبقة الثانية الحسن البصري وواصل بن عطاء.
الشاهد أن الطبقة الأولى في رأي المعتزلة هم الصحابة؛ لأنهم يرون أنهم موافقون لمذهبهم؛ وكما تنتسب الرافضة إلى علي رضي الله عنه وهو منهم بريء، فكذلك تنتسب المعتزلة إلى هؤلاء الصحابة؛ لأقوال وردت عنهم: إما أنها صحت ولكن فهمت خطأً، أو لم تصح أصلاً.
  1. الأصل الأول: التوحيد

  2. الأصل الثاني: العدل

  3. الأصل الثالث: الوعد والوعيد

  4. الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين

  5. الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر